للمرة الثانية يموت أبي هذا العام، وبين موته وموته أربعة أشهر Ùقط!
صØÙŠØ Ø£Ù†Ù‡ موت جسدي Ùقط؛ لأن كليهما سيظل Øيًّا ÙÙŠ Ù†Ùوس Ø£Øبابه بشخصه، وسيظل باقيًا بأعماله ومنجزاته العلمية والإنسانية. لكن الأيام ستÙقد قيمتها ÙˆØªØµØ¨Ø Ø¨Ù„Ø§ روØ!
Ùقد كانت أيامي ÙÙŠ Øياة أستاذي الØبيب دكتور/ عوني، كلها Ø±ÙˆØ ÙˆØ¥Ù†Ø¬Ø§Ø² وأمل وطموØØŒ وبدأت تلك الأيام منذ أن Ø³Ù…Ø Ù„ÙŠ أن أكون تلميذةً مقربةً مما يقرب من عشر سنوات، وكان قد تجاوز الثمانين من عمره المديد، ووجودي بقربه كان له بالغ الأثر ÙÙŠ Ù†Ùسي وكثير من الطرق التي سلكتها.
تلك الأيام تطاردني Ø£Øداثها الكثيرة منذ نبأ ÙˆÙاته، وتلاØقني Øتى ÙÙŠ المنام، وسأØرص على أن أدونها كاملةً يومًا ما.
وهذه لمØات منها:[بداية] كانت أول معرÙتي الØقيقية به عندما درَّس لي ÙÙŠ مرØلة الدراسات التمهيدية بالألسن لمدة عامين من 2009 إلى 2011ØŒ ومما بهرني به أستاذًا طريقة تدريسه المختلÙØ© التي تعتمد على البØØ« العلمي، وأذكر أنه كان يجهّÙز للمØاضرة عددًا من الكتب يوزعها على الطلاب؛ ليقرأ كل طالب كتابه ويعرضه ÙÙŠ المØاضرة التالية مستعينًا ببعض المراجع الأخرى للموضوع Ù†Ùسه، كما كان ÙŠØ·Ø±Ø Ù…ÙˆØ¶ÙˆØ¹Ø§Øª مختلÙØ© ليتركنا نبØØ« عنها بأنÙسنا ونجيب ÙÙŠ المØاضرات التالية. وأذكر له أيضًا عندما درَّس لنا مقرر (الترجمة) أنه كان يصر على ألَّا نعتمد على كتابه (تاريخ الترجمة العربية) ÙˆØده، وكان يعطينا كتبًا أخرى من مكتبته العامرة عن الترجمة لنقرأها، كما أنه أسند إلى كل طالب ترجمة كتاب من لغته الثانية إلى العربية، وأعطى لزميلتي كتابين (ألماني وإنجليزي) ولم يجد لديه كتابًا باللغة الإيطالية لي؛ ÙضØÙƒ قائلًا “لقد تعلمت٠لغات٠كثيرة لكن الإيطالية لم تمر عليّ”ØŒ وأرسلني إلى زميله بقسم اللغة الإيطالية لينصØني بكتاب. كان- رØمه الله- يؤمن بأن البØØ« والتطبيق العملي وسيلة مثلى للتعلّÙÙ…. ولا أنسى له أبدًا Øنوه ورÙقه بي مراعاة لظروÙÙŠ الصØية والنÙسية ÙÙŠ السنة التمهيدية الثانية عندما Ùقدت٠أمي وصرت أمشي بعكاز لمدة عام.
[الماجستير] بدأت تلمذتي له تأخذ شكلًا أعمق عندما رØَّب بالإشرا٠عليّ بالماجستير أواخر عام 2011Ù…ØŒ ولا أنسى ذاك اللقاء الأول معه ÙÙŠ قاعة مجلس الكلية Øول رسالة الماجستير الذي كان برعاية من أستاذتي الدكتورة/ إيمان السعيد، Ùكان سعيدًا جدًّا بأنني Ø£Ù‚ØªØ±Ø Ø§Ù„ØªØ³Ø¬ÙŠÙ„ ÙÙŠ (تØقيق النصوص)ØŒ وسألني: “قريتي إيه؟”ØŒ Ùأجبت إجابات شابها أخطاء لإدراكي الضعي٠آنذاك بالموضوع، Ùأملى عليّ عددًا من الكتب له ولغيره لأقرأها أولًا، ونصØني أن أبØØ« أكثر قبل أن Ù†Øدد اسم الموضوع ومنهجه. ومن هنا بدأت رØلتي مع الاستشراق وتØقيق النصوص برعاية أستاذي الذي كان سعيدًا جدًّا بأول رسالة ÙÙŠ كلية الألسن موضوعها الاستشراق والتØقيق بإشراÙÙ‡ ورعايته بعد أن كان منجزه عامرًا بأعمال المجالين، Ùهو الأستاذ الوØيد بكلية الألسن الذي سمعنا بمØاضراته عن كلا المجالَيْن، وهو الأستاذ الذي كانت أعماله ÙÙŠ المجالين مستمرة Øتى ذاك الوقت وبعده. ولا أنسى الملزمة الأولى التي Ø£ØضرتÙها له من رسالة الماجستير التي قرأها بعناية شديدة وكانت تعليقاته عليها قاسية قليلًا لم أعتد عليها؛ لكنني تعلمت٠منها الكثير لضبط المنهج، ومن وقتها صارت تعليقاته إيجابية على أوراقي وأÙكاري، وصار الأستاذ يطمئÙÙ† إلى تلميذته!
[المكتبة] بعد رØلة الماجستير بدأت رØلة مع الأستاذ من نوع آخر، ÙÙÙŠ عام 2014Ù… إثر مناقشة الماجستير وقبل التسجيل للدكتوراه بإشراÙÙ‡ أيضًا- صرت٠أذهب إلى الأستاذ ÙÙŠ مكتبه؛ لأرى مكتبته العامرة وما يمكنني أن أساعد Ùيه هذا العالم الذي ما زال عاكÙًا على التألي٠وإنجاز الكتب. وبرغبة منه تطوعت٠لÙهرسة مكتبته الضخمة التي كانت تعاني من عدم التنظيم، وصرت٠أذهب إلى أستاذي أسبوعيًّا (يوم الثلاثاء) للعمل ÙÙŠ المكتبة من التاسعة صباØًا Øتى الواØدة، ولمدة عام كامل استطعت٠أن Ø£Ùهرس المكتبة العربية من جديد؛ أمسكت٠كلَّ كتاب Ùيها بيدي، وكتبت٠اسم كل كتاب بخط يدي، وصاØبت٠كل رÙّ٠ودولاب صØبة طويلة، وتنÙست٠من رائØØ© الكتب العتيقة؛ Øتى بتّ٠أعر٠هذه المكتبة جيدًا؛ Ùهذا دولاب الأصدقاء، وذلك دولاب اللغة، وذاك دولاب الاستشراق… إلخ! كنت٠أق٠على أعلى درجات السلم لأصل إلى أعلى رÙÙ‘Ù Ùيها، وأÙترش الأرض لأص٠الكتب ÙÙŠ أعماق أسÙÙ„ دولاب.
ومما لا أنساه ذلك المشهد البعيد؛ عندما كنت أق٠على أعلى درجات السلم أكتب أسماء الكتب وأصÙها، وأستاذي يجلس على كرسيه المÙضل يكتب ويقرأ، وإذا به يقول لي: “أنت هتتعلمي كويس يا هالة”ØŒ Ùقلت٠له: “لماذا؟”ØŒ Ùقال: “لأن أنا اتعلمت كدة ÙÙŠ أول Øياتي كنت أذهب إلى المكتبة عندما كنت ÙÙŠ ألمانيا وأتصÙØ Ø§Ù„ÙƒØªØ¨ واØدًا واØدًا من أعلى المكتبة إلى أسÙلها”ØŒ Ùقلت٠لنÙسي: “يا رتني بس أكون واØد على أل٠من هذا العالم”.
وهذا مشهد آخر كنت٠أÙترش Ùيه الأرض لأÙهرس دولاب الأصدقاء، وكان قريبًا من مجلس أستاذي، Ùعندما رآني تذكر صديقًا منهم ÙˆØكى لي عنه بعض القصص، وأمسك بهاتÙÙ‡ ليتصل به ويطمئن عليه. وقد سمعت٠منه عشرات القصص والأØداث كانت تØضره Øين أسأله عن تصني٠بعض الكتب ومØتوايتها.
ÙˆÙÙŠ الوقت الذي كنت٠Ùيه بين الكتب والأرÙ٠كان أستاذي يجلس بكل عزيمة ودأب للقراءة أو الكتابة، كان يجلس لمدة ثلاث أو أربع ساعات دون كلل أو ملل، وكنت٠أتعجب من عزيمته وهمته وإصراره على الإنجاز بهذا العمر، Ùكان العمل بالنسبة إليه هو الماء والهواء، وظل هكذا ولله الØمد إلى قبل ÙˆÙاته بيوم واØد رØمه الله.
وأثناء هذا اليوم الطويل من العمل كانت هناك أمور بسيطة Ù…ØÙورة بنÙسي؛ منها هذا الÙطور الذي كنا نأكله معًا أمام التلÙاز وسط المكتبة، وكوب النسكاÙيه الذي كنت٠أصنعه لأستاذي بنÙسي بعد الÙطور ليشربه أثناء العمل، وآخر لي أشربه بين أرÙ٠المكتبة، وصوت ذلك المسلسل القديم ÙÙŠ الخلÙية الذي كنا لا نتابع منه شيئًا! وغيرها من التÙاصيل التي قربتني من أستاذي وجعلت هذا المكتب بمكتبته العامرة جزءًا مني، Ùقد Ø£Øببت٠هذه المكتبة جدًّا Øبًّا لأستاذي وبرًّا به، وكنت٠أسمي اليوم الذي أذهب Ùيه إليه بـ (الثلاثاء العظيم).
[الكتب] أثناء عملي بالمكتبة 2014Ù… بدأت٠أعمل مع أستاذي ÙÙŠ مراجعة كتبه وتجهيزها للطباعة، ÙتÙضل عليّ أستاذي مشكورًا بإسناد هذه الأعمال لي؛ Ùإذا بي أكتسب مهارات جديدة ÙÙŠ ص٠الكتب والتجهيز الÙني بالإضاÙØ© إلى طريقة المراجعة العلمية والتدقيق والإÙادة من موضوعات الاستشراق والترجمة والتØقيق، بدأت٠بمراجعة الطبعة الثانية من (تأريخ الØكماء للقÙطي) 2014Ù…ØŒ ثم الجزء الثالث من كتاب (جهود المستشرقين ÙÙŠ التراث العربي) 2015Ù…ØŒ ثم (يوميات جولدتسيهر الشرقية) 2015Ù…ØŒ ثم (يوميات جولدتسيهر الكاملة) 2016Ù…ØŒ ثم مقدمة الطبعة الثانية من (الÙهرست لابن النديم) 2017Ù…ØŒ ثم (الملل والنØÙ„ للشهرستاني) 2018Ù…. ثم الطبعة الثانية من (الله ليس كمثله شيء لزيجريد هونكه) 2019Ù…ØŒ وأخيرًا الجزء الرابع من (جهود المستشرقين ÙÙŠ التراث العربي) الذي منØني أستاذي وأستاذتي الدكتورة/ إيمان شر٠المشاركة Ùيه تأليÙًا وتقديمًا، وقد اكتمل هذا الكتاب وشاهده أستاذي كاملًا بين يديه وكنا بصدد طبعه ÙÙŠ الشهور القادمة لتوق٠Øركة الطباعة ÙÙŠ هذه الآونة، وهو بعض الأمانة التي Ø£Øملها ÙÙŠ عنقي له وسأعمل على خروجه إلى النور إن شاء الله قريبًا لتÙØ±Ø Ø±ÙˆØÙ‡ كما كان ÙŠÙØ±Ø ÙÙŠ Øياته بكل منجز جديد. Ùقد كان Øرص أستاذي دكتور/ عوني على إنجاز الكتب والأبØاث العلمية هدÙًا أساسيًّا وبغية مستمرة، وكنت Ø£Øرص مع أستاذتي الدكتورة/ إيمان على سرعة إنجاز هذه الأعمال كي يدخل السرور على قلبه وتظل عزيمته قوية، وأشهد أن أستاذي كان أكثر عزيمة مني، وكنت٠أشعر بالخجل أمام إنجازه الذي كنت٠لا أستطيع Ù„Øاقه لصÙÙ‡ ومراجعته وتجهيزه.
[الدكتوراه] كان إشراÙÙ‡ عليّ ÙÙŠ الدكتوراه نقطة تميز لم ÙŠØظ بها كثيرون ÙÙŠ ذلك الوقت من عمر أستاذي الÙاضل، Ùسجلت٠درجة الدكتوراه ÙÙŠ أواخر 2014Ù…ØŒ ÙˆØضر بنÙسه سمينار التسجيل رغم أن مكانه صار بعيدًا عن مكتبه والذهاب شاق عليه، لكنني أصررت٠على Øضوره؛ لأن وجوده أهم من التسجيل Ù†Ùسه! وبدعمه وإلهامه سÙجّÙلت أول رسالة علمية ÙÙŠ الألسن ÙÙŠ تØقيق نص ودراسته، وأÙخر أنني تلميذته الوØيدة التي Øققت له هذا الØلم بين تلاميذه الذين ينتمون لأجيال مختلÙØ©.
وكانت المناقشة ÙÙŠ مارس 2019Ù… ذلك اليوم الذي ما كان ليكتمل إلا بوجوده، Ùقد كان وقتها يخرج من المنزل ÙÙŠ Øدود ضيقة، ويذهب إلى الكلية ÙÙŠ أوقات متباعدة، ولم يعد ÙŠØضر مناقاشات لبÙعد قاعة المناقشات عن المصعد وعلوها، لكن وجوده Øياة ولا معنى لأي شيء من دونه! قلت٠له صادقةً: “مش هناقش لو Øضرتك مش موجود”ØŒ ÙˆÙكرنا ÙÙŠ تغيير مكان قاعة المناقشة لتكون قريبة من المصعد، وتمت المناقشة بالÙعل- بعد مواÙقات ومØادثات ومناقشات- ÙÙŠ قاعة مجاورة لمكتبه لم يعنني أنها كانت غير مناسبة تمامًا، ÙˆØضر أستاذي الجليل المناقشة، وكان وجوده Øدثًا جللًا أسعدني وأسعد كل أساتذتي وأصدقائي وزملائي الذين لم يروه مشرقًا منذ سنوات رئيسًا لجلسات المناقشات ومتØدثًا عن العلم وأهله. أظنه كان ذهابه الأخير إلى كلية الألسن!
[الصØبة] نشأت صØبة هادئة بيني وبين أستاذي، Ùهو العالم الهادئ البسيط الراقي المØترم جدًّا، Ùاقتربت منه كثيرًا منذ 2014Ù…ØŒ ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø¨Ø§Ù„Ù†Ø³Ø¨Ø© إليّ أبًا ثانيًا، وبات الذهاب إليه جزءًا من Øياتي، وظل ذهابي إليه لا ينقطع Øتى بعد إنهاء Ùهرسة المكتبة العربية، ولا يمر شهر دون الذهاب إليه، ولم يمنعني عنه إلا أمر شديد كمرض والدي، أو العمل المعطل ÙÙŠ رسالة الدكتوراه مثلًا الذي كان يشجعني عليه ويقول: “أشوÙÙƒ لما تخلصي الجزء ده”.
ÙˆÙÙŠ 2016Ù… كان لي شر٠المشاركة ÙÙŠ تكريمه بالمجلس الأعلى للثقاÙØ©ØŒ وقال لي أستاذي وقتها: “اتكلمي أنت عن التØقيق لأنك شغالة Ùيه”ØŒ Ùأنجزت٠بØثًا خاصًّا عن منجز أستاذي ÙÙŠ تØقيق النصوص ونقدها لا سيما نقد أعمال المستشرقين، وكنت٠أسعد المشاركين؛ لأنني كنت٠Øزينة لأنني لم أشارك ÙÙŠ الكتاب التذكاري لأستاذي الذي صدر ÙÙŠ عام 2008Ù…ØŒ Ùها هي الÙرصة كي أعبر Ùيها عن جزء من ØÙ‚ أستاذي عليّ! ولا أنسى سعادته بهذا البØØ« Øين قرأه وكأنه يمسك مولودًا بين يديه، ولا أستطيع أن أص٠سعادتي لساعدته وإØساسي به أبًا وأستاذًا!
وبعد هذا التكريم مباشرة الذي تØيطه Øكايات كثيرة- لا يتسع المقام لها- مرض أستاذي مرضًا شديدًا ألزمه المنزل مدة طويلة قرابة العامين، وخلال هذه الÙترة ظللت٠أذهب إليه أسبوعيًّا لأقرأ له ما يريد من كتب Øتى لا ينقطع عن العمل العلمي، وأذكر أننا قرأنا كتاب (دراسات المستشرقين Øول صØØ© الشعر الجاهلي) كاملًا وتناقشنا Ùيه، وكان ÙŠÙعلّÙÙ‚ عليه تعليقات كثيرة لم أكتبها ولكنها عالقة ÙÙŠ ذهني، كما قرأت٠له أجزاء من بعض الكتب التي كانت تصدر Øديثًا وأØضرها له أو تأتي إليه من تلاميذه وأصدقائه، كما قرأت٠له Ùصولًا من كتاب الخصائص لابن جني وغيره من المصنÙات المشابهة؛ لأنه كان يجهز وقتها بØثه عن الخليل بن Ø£Øمد ودراساته عن كتاب الملل والنØÙ„. ثم بدأ يتعاÙÙ‰ شيئًا Ùشيئًا Øتى Ø£ØµØ¨Ø ÙŠØ¬Ù„Ø³ للكتابة، وأعد لذلك منضدة جديدة مناسبة للعمل وهيئته ÙÙŠ الجلوس، وبدأ يكتب من جديد، وأنجز بØØ« الخليل بن Ø£Øمد، وأكمل دراسته لكتاب الملل والنØÙ„ØŒ ثم بدأ يعود مرة أخرى إلى مكتبه، واستمررنا ÙÙŠ العمل وإصدار الكتب.
[أبوة] كنت٠على اتصال دائم بأستاذي، Ùلم أنقطع عنه ولم ينقطع عني، Ùإذا غبت٠عنه Ù„Ùترة ولم أظهر، يتصل بي ويسأل عن Ø£Øوالي دون أن يطلب شيئًا، كان الأهم عنده أن أكون بخير وأهلي بخير وعملي بخير، وكان Øريصًا على السؤال على ابنتي ورؤيتها، وكانت تصØبني لرؤيته عندما يطلب أن يراها، وكان يجهز لها هدايا مميزة، وكانت هي ترسم له رسومات تهديه إياها (هناك رسمة لها ÙŠØتÙظ بها بين أوراقه القريبة). كما كنت٠أشعر بØزنه لأجلي عندما كنت٠أتعثر ÙÙŠ إيجاد عمل مناسب، كان يريد أن يساعدني بأي شكل ويÙعل ما بوسعه، وكان يقول لي عندما ينغلق الأمر: “معلش أنا أصلي دلوقتلي مبقتش أعر٠Øد زي زمان ناس كتير رØلت”ØŒ وكان يقص عليّ ما كان ÙŠÙعله قديمًا لمساعدة تلاميذه عندما كان على رأس العمل الإداري ÙÙŠ أماكن عدة، وكنت أقول له: “زي ما Øضرتك ساعدت الناس ربنا هيكرمك ÙÙŠ تلاميذك ويسخر لهم Øد يساعدهم”ØŒ وقد كان! Ùبعد معاناة لسنوات أكرمني الله بالتعيين ÙÙŠ الجامعة، وكان أشد الناس ÙرØًا لي، وكان ذلك بعد ÙˆÙاة والدي بأيام، Ùعوضتني ÙرØته عن ÙرØØ© والدي كثيرًا.
رأيته آخر مرة ÙÙŠ شهر Ùبراير الماضي بعد ÙˆÙاة والدي بشهر تقريبًا، وقال لي: “كلنا هنمشي”ØŒ Ùقلت: “ربنا يبارك ÙÙŠ عمر Øضرتك مليش غيرك”ØŒ وبعد هذه الزيارة مرضت٠مرضًا شديدًا (بكتريا الدم) لم يكن بوسعي الذهاب إلا للعمل، وعندما Ø´Ùيت بدأت جائØØ© كورونا، وكنت أخشى الذهاب إلى أستاذي Øتى لا يصيبه مكروه، وكانت الزيارة الأخيرة Ù…Ùعمة بالعمل والمناقشات، وبعض الأكل والشراب الطيب. لو كنت٠أعلم أنها آخر زيارة ما كنت٠رØلت!
[أمانة] كان أستاذي يعمل كثيرًا ÙÙŠ الشهور الأخيرة، ويخبرني بما كتبه وما يريد أن يكتبه، وآخر ما كتبه ولم يكتمل: مقدمة لطبعة جديدة لكتاب المستشرقين الألمان Ù„ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ø¯ÙŠÙ† المنجد (ÙÙŠ طور المراجعة والتجهيز)ØŒ وكتاب عن الإمام Ù…Øمد عبده عك٠عليه منذ عام تقريبًا، وأنجز Ùيه قدرًا كبيرًا، وآخر ما كتبه كان ليلة ÙˆÙاته! بالإضاÙØ© إلى الجزء الرابع من سلسلة (جهود المستشرقين ÙÙŠ التراث العربي بين التØقيق والترجمة) الذي أنجزناه وكنا نستعد لطباعته.
وإنجاز هذه الأعمال المعلقة واكتمالها أمانة لدي ولدى أستاذتي الدكتورة/ إيمان السعيد التي كانت أقرب التلاميذ إلى أستاذنا وأØبهم إليه وأكثرهم إخلاصًا ووÙاءً إليه، وهي صاØبة الÙضل ÙÙŠ هذه العلاقة الطيبة التي ربطتني بأستاذي الجليل، وقد كانت Øاضرة ÙÙŠ كل المشاهد التي رويتها بيني وبين أستاذي دائمًا، وما رأيتÙÙ‡ منها من ÙˆÙاء تجاه أستاذها كان Ù…ÙلْهÙمًا ومÙعَلّÙمًا لي ولكل تلميذ يريد أن يتعلم الإخلاص والوÙاء.
هذه لمØات بسيطة من عشر سنوات مَنَّ الله بها عليَّ أن أكون Ùيها تلميذة لهذا الأستاذ الÙريد والعالم الجليل الهادئ البسيط الخلوق الكريم قوي العزيمة عÙي٠اللسان ذي الهيبة، وصاØبته عن قرب ÙÙŠ آخر سنوات Øياته التي كانت بالنسبة إليَّ عمرًا كاملًا، Ùالعمر ليس بعدد السنين وإنما بما نعيشه ويعيشنا ويضي٠إلينا ولمن Øولنا.
أستاذي وأبي اطمئن! كل الأمور ستسير كما كنت تØب وترضى بإذن الله، الكتب ستكتمل وتطبع، الإنجاز سيظل مستمرًا، اسمك سيظل مضيئًا ÙÙŠ سماء العلم، ستكون Øاضرًا معي ÙÙŠ كل المشاهد وكل المØاÙÙ„ØŒ سأظل Ùخورةً بأنني تلميذة الأستاذ الدكتور/ Ù…Øمد عوني عبد الرءوÙ!
اللهم ارØÙ… أستاذي واع٠عنه واغÙر له وثقل موازينه والØقنا به على خير!
إنا لله وإنا إليه راجعون!
الصورة من تكريم أستاذي بالمجلس الأعلى للثقاÙØ© يناير 2016Ù….
رØÙ… الله العالم الجليل، والمربي العظيم!
ما أجمل أن تتخلل العلاقة بين الأستاذ والتلميذ كل مناØÙŠ الØياة!
Ùيؤثر Ùيه ويوقد Ùيه جذوة العلم ØŒ وينصØÙ‡ ويقومه، ويوقÙÙ‡ على قدمه إن تخطÙته الهموم المشغلة، ولم لا؟ وهي علاقة لا تقل عن أواصر الدم والرØÙ….
أطال الله عمركم ونÙع بكم وأØسن إليكم ورزقكم اليقين والإخلاص والثبات على الØÙ‚ ولا Øرمنا نصØكم وإرشادكم ØŒ ÙÙˆ الله نعم الوالد ÙˆØ§Ù„Ù†Ø§ØµØ Ø£Ù†Øª يا أستاذنا.
تعليق الدكتورة هالة القاضي:
“وعليكم السلام والرØمة والبركة أستاذنا العالم الدكتور Ù…Øمد جمال صقر..
هذا شر٠كبير أن Ø£Øظى بنشركم لمقالي بموقعكم المميز..
شرÙت بأن أكون تلميذتكم بإØدى Ù…Øاضرات دورات معهد المخطوطات عام ٢٠١٢.. وأتابع سيادتكم دائما عبر صÙØتكم وموقعكم..
زادكم الله علما ونÙع بكم.. خالص تØياتي وتقديري..”.